لماذا يقبل الله أعمالًا صغيرة وتُرد أعمال كبيرة؟
لماذا يقبل الله أعمالًا صغيرة وتُرد أعمال كبيرة؟
في زمنٍ يزداد فيه التنافس على الظهور والأضواء، يبقى الإخلاص هو المعيار الإلهي الذي لا يراه الناس ولكن يزن به الله القلوب والأعمال، وذلك هو السر الذي يجعل العمل الصغير عظيمًا، والجهد الخفيّ مقبولًا عند رب العالمين.
معنى الإخلاص في الإسلام
الإخلاص هو أن تعمل العمل لوجه الله وحده، لا رياءً ولا سمعةً ولا انتظارًا لمدح أو ثناء.
قال الله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: 5]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (متفق عليه). فالقيمة الحقيقية للعمل لا تُقاس بحجمه، بل بصفاء النية التي وُقِع بها.
علامات الإخلاص في العمل
1- أن تستوي عندك الخلوة، فلا يزيد اجتهادك أمام الناس، ولا يقل حين تختلي بنفسك.
2- ألا تنتظر شكرًا أو تقديرًا من أحد، لأنك تعلم أن الجزاء الحقيقي عند الله.
3- أن تفرح بعمل الخير، حتى لو نُسب لغيرك.
4- أن تكون نيتك دائمًا وجه الله والدار الآخرة، لا المصلحة ولا الشهرة.
الإخلاص سر القبول عند الله
كم من عملٍ عظيم لا وزن له عند الله؛ لأنه لم يُرد به وجهه الكريم، وكم من عملٍ يسير يبلّغ صاحبه أعالي الجنان لأنه نابع من قلبٍ صادقٍ مخلص.
قال سفيان الثوري رحمه الله: “ما عالجت شيئًا أشدّ عليّ من نيتي، إنها تتقلّب عليّ”. فالإخلاص عملٌ خفيّ لا يراه أحد، وهو ما يميز الصادق من المرائي، والعبد المتصل بالله من طالب الثناء.
كيف يُصلح الإخلاص القلب؟
الإخلاص يُطهّر القلب من أمراض الرياء والعُجب، ويجعل العبد يعيش في طمأنينة؛ لأنه لا ينتظر شيئًا من الناس، ولا يخاف فقدان مدحهم.
حين تعمل لله، تتحرر من القلق والمقارنة، وتصبح علاقتك بالخلق مبنية على الرحمة لا على المصلحة.
لذلك كان الإخلاص هو البذرة الأولى لصلاح القلب، كما قال بعض السلف: “من أصلح سريرته أصلح الله علانيته”.
كيف تتدرّب على الإخلاص؟
1- ذكّر نفسك دائمًا بأن الله يراك، حتى في لحظة النية.
2- جدّد نيتك في كل عمل، فالإخلاص عملٌ يتجدد ولا يُكتسب مرة واحدة.
3- ادعُ الله أن يرزقك الإخلاص، فقلوب العباد بيده سبحانه.
4- ابتعد عن المباهاة بالأعمال الصالحة، بخاصة على وسائل التواصل.
5- اقرأ عن الصالحين الذين عاشوا لله وحده، فهم قدواتٌ في صدق النية ونقاء القلب.
هل يمكن أن أكون مخلصًا رغم أنني أشعر أحيانًا بالفرح بمدح الناس؟
نعم، فالشعور الطبيعي بالسرور لا يُبطل الإخلاص، ما دمت لا تعمل لأجل هذا المدح، بل لله أولًا.
هل الإخلاص يعني أن أخفي كل أعمالي؟
ليس بالضرورة، فالإخلاص في القلب، وليس في العلن أو الخفاء.
قد يُظهر الإنسان عمله ليُقتدى به، بشرط أن تكون نيته لله.
كيف أعرف أن عملي مقبول؟
لا يعلم ذلك إلا الله، لكن من علامات القبول توفيق العبد للطاعة بعدها، وطمأنينة القلب بعد العمل.
ما علاقة الإخلاص بصلاح القلب؟
القلب المخلص لا يتلوث بالرياء أو الحسد أو حب الظهور، لذلك يُصبح نقيًّا، صادقًا في علاقته مع الله والناس.







