459390393
حوادث المشاهير

القُبلة المسروقة: حكاية الموظف الذي اختلس ليصبح بطلاً أمام كاميليا

فيلم وحيد للممثل صلاح الدين، وهو فيلم “ولدي”، حيث تم القبض عليه قبل عرض الفيلم بأيام. واتضح من التحقيقات أنه موظف بسيط اسمه الحقيقي صالح العوضي يعمل في إحدى الشركات، وقد اختلس مبلغًا كبيرًا من المال وأنفقه لتحقيق حلمه بأن يكون بطلًا لفيلم سينمائي أمام الفنانة كاميليا.

وفي حوار مع صالح العوضي بعد خروجه من السجن، الذي قضى فيه سبع سنوات، حكى فيه قصته من البداية إلى النهاية، فقال:

“لقد كنت موظفًا في شركة تأمين، وقد اعتدت أن أذهب من حلوان إلى المعادي مع زملائي في العمل للتنزه. وفي الأول من مايو عام 1947 لمحت كاميليا واقفة على رصيف محطة سكة الحديد، فقررت الاقتراب منها قدر الإمكان. قمت بقطف بعض الورود وتقدمت لأهديها لها تعبيرًا عن إعجابي الشديد بها، ولكن الفنانة لم تهتم بي ونظرت إليَّ نظرات متعالية وأعطت باقة الورد لوصيفتها غير مبالية. هذا الأمر جعلني أشعر بالإهانة، خاصة وأن زملائي في العمل شهدوا الموقف، وشعرت أن لي ثأرًا معها يجب أخذه من هذه الفنانة المغرورة.

ولأنني موظف صغير، كانت الأزمات المالية كثيرة. وبعد عدة أيام قادتني قدماي إلى صديق قديم يعمل في وزارة المعارف، وهناك حكى لي عن ظروفه المادية وأزماته، وكان عند ذلك الصديق الحل السحري.

سألني صديقي: “هل قلبك جامد؟”
فقلت له: “حديد!”
فقام بفتح درج مكتبه وأخرج استمارة (9 ع ح – عموم حسابات)، وقام بكتابة بعض البيانات، ثم طلب مني أن أذهب بها إلى وزارة المالية. وعندما يتأكدون من بياناتي المدونة في الاستمارة، سيحيلونني للخزانة التي ستعطيني 18 رزمة، كل رزمة ألف جنيه.

لم أتردد، وبالفعل ذهبت وحصلت على المبلغ وتقاسمته مع صديقي. وتكررت العملية أكثر من مرة. كان ذلك الصديق هو المسؤول عن استلام أذونات الصرف التي تأتي من وزارة المالية، وبعدها يقوم بحرقها، وبذلك يتم إعدام الدليل الوحيد الذي يدينه، فهو في كل الأحوال ليس موظفًا رسميًا في وزارة المعارف.

من موظف إلى مليونير في الوسط الفني

عندما جرت الأموال في يدي، كان أول شيء فعلته هو استئجار شقتين في عمارة الإيموبيليا، حيث تسكن كاميليا. سكنت في واحدة، واتخذت الأخرى مكتبًا لشركة سينما قمت بتأسيسها. وبسرعة البرق، انتشر الخبر في الأوساط الفنية، خبر ظهور المنتج “المليونير”، وتهافت الجميع على زيارتي في مكتبي، خاصة أنني كنت سخيًا جدًا في عقودي مع الفنانين.

وبعد عدة أيام، أرسلت إلى كاميليا دعوة لزيارتها في مكتبي، وعرضت عليها سيناريو فيلم “ولدي”، وهو فيلم سأكون البطل فيه، وأعطيتها أجرًا يفوق أجرها المعروف، حيث زدت 100 جنيه عن أجرها المعتاد، فقد كانت تتقاضى 500 جنيه في الفيلم. ولم أتوقف عند ذلك، بل أهديتها سيارة كاديلاك ثمنها 2000 جنيه.

تم الانتهاء من تصوير الفيلم، ولكن لم يكن أمر الفيلم يهمني في شيء، بل كان كل همي “القبلة” التي سأتبادلها مع البطلة في آخر الفيلم.

اكتشاف الاختلاس والقبض على العوضي أثناء “اللقطة المنتظرة”

ظل العوضي وصديقه يختلسان أموال وزارة المعارف دون أن يكتشف أمرهما، رغم أن وزارة المالية أرسلت 165 خطابًا للمعارف لبحث الأمر، وكان ذلك الصديق يحرق كل تلك الخطابات.

ولكن حدثت المفاجأة عندما عرف أحد أقرباء ذلك الصديق بالأمر، فبدأ يبتزه ويطلب منه المال مقابل سكوتِه، لكن الصديق رفض إعطاءه أي نقود. وعندما وجد هذا القريب أنه لم يحصل على ما أراد، كتب مذكرة قدمها للدكتور أحمد حسين (رئيس جمعية الفلاح والوزير والسفير فيما بعد)، الذي سارع بتقديمها إلى ديوان المحاسبات والجهات القضائية.

وجاءت المفارقة الكبرى، كما كتب الصحفي جليل البنداري في مجلة “آخر ساعة”، حيث أُلقي القبض على العوضي وهو يؤدي “اللقطة”، وهي (القبلة) التي فعل كل ذلك من أجلها، القبلة التي كلفته 90 ألف جنيه وعشر سنوات حبس، والتي انتهت بسبع سنوات فقط.

ما بعد السجن: من لص إلى منتج فني محترف!

تم عرض فيلم “ولدي” في السينما المصرية يوم 24 يناير 1949، وكان من بطولة:

  • كاميليا
  • محمود المليجي
  • أحمد علام
  • إسماعيل ياسين
  • نجمة إبراهيم
  • حسن البارودي
  • فتحية شاهين
  • لطفي الحكيم

القصة والإخراج كانا لعبد الله بركات، وكُتب في أفيش الفيلم ببنط كبير: “الوجه الجديد صلاح الدين”.

ويقال إن الشركة المنتجة تحفظت على نسخ الفيلم وقامت بعرضه حتى تسترد الأموال التي سرقها العاشق “مجنون كاميليا”، غير أن الفيلم لم يحقق شيئًا، وأصيب الجميع بخيبة أمل بسبب ضعف الإيرادات.

والأغرب من ذلك كله، أنه بعد خروج صالح العوضي من السجن، لاقى حفاوة شديدة من الوسط الفني، وربما يفسر هذا عمله فيما بعد كمنتج فني لعدد من الأفلام في الستينيات، ومن بينها:

  • الجريمة الضاحكة
  • عبيد الجسد
  • مطلوب زوجة فورًا
  • ثورة البنات

وهكذا، تحول اللص العاشق، الذي اختلس من أجل تحقيق “قبلة الحلم”، إلى منتج سينمائي محترف بعد خروجه من السجن!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى