459390393
حكايات لا تموت

رعد.. الكلب الذي رفض أن يترك صاحبه حتى الموت.. قصة وفاء لا تموت

رعد.. حكاية وفاء لا تموت

في قرية “الكرمة”، بين الحقول الخضراء وأشجار النخيل المتمايلة، عاش عمران، رجل بسيط في الستينيات من عمره، برفقة كلبه الوفي رعد. منذ أن كان جرواً صغيرًا، احتضنه عمران كأنه ابنه، يطعمه بيديه، ويخصص له مكانًا دافئًا بجوار موقده في ليالي الشتاء الباردة. كان رعد يردّ هذا الحب بإخلاص نادر، لا يترك صاحبه لحظة، بل يقرأ في عينيه ما يريد قبل أن ينطق.

كانا يقضيان أيامهما معًا، يجلسان تحت شجرة التوت الكبيرة أمام البيت، يتشاركان لحظات السكون والتأمل في الغروب. أحيانًا كان عمران يربّت على رأس رعد بحنان، ويتمتم له بكلمات كأنه يخاطب صديقًا يفهمه، وكأن الكلب يرد عليه بنظراته العميقة وصوته الخافت.

لكن الأيام لا تبقى على حالها، فمع تقدّم العمر، بدأ عمران يضعف، وصار يتحرك ببطء، إلا أن رعد كان دومًا إلى جانبه، يسنده بعينيه وقلبه، وكأن قلبه الصغير يحمل همّ صاحبه الكبير. وفي أحد الأيام، لم يستطع عمران النهوض من سريره. كان رعد مستلقيًا بجانبه، يلعق يده برفق وكأنه يقول له: “أنا هنا.. لا تخف”.

ومع آخر لحظاته، مدّ عمران يده بصعوبة ولمس رأس رعد، نظر إليه بعينين ممتلئتين بالحب، وكأن روحه تودعه، ثم أغمض عينيه للأبد. عندها، أطلق رعد نباحًا حزينًا مزّق سكون القرية، كأن قلبه تحطّم برحيل أعزّ إنسان لديه.

عند دفن عمران، كان رعد يجلس بجوار القبر، يضع رأسه على التراب، وكأنما يريد أن يظل بقرب صاحبه حتى النهاية. لم يبرح مكانه، رغم محاولات أهل القرية إطعامه وأخذه معهم. كان الحب الذي ربط بينهما أقوى من أي شيء، حتى من الموت نفسه.

وذات صباح، وجدوه مستلقيًا فوق القبر بلا حراك، كأنه نام هناك إلى الأبد، ليبقى بجوار صاحبه، كما وعده يومًا أن لا يتركه أبدًا.

حزن أهل القرية لهذا المشهد المؤثر، وقرروا أن يضعوا حجرًا صغيرًا بجانب القبر، نقشوا عليه:
“هنا يرقد رعد، الكلب الوفي الذي لم يترك صاحبه حتى بعد الموت.. رمزًا للحب والإخلاص الذي لا ينتهي.”

ومنذ ذلك اليوم، صارت قصتهما تُروى بين الناس، كواحدة من أجمل حكايات الوفاء، التي لا تموت أبدًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى