الأصل غلاب… و”العقاب من جنس العمل”
الحنان المهدور… والجحود القاتل
في أحد الأزقة الضيقة حيث تنام الشمس خلف ستائر الغبار، وُلِد حسن وحيدًا لأمه خديجة كان والده رجلاً بلا قلب، تركه الى والدته التي نذرت حياتها له. لم تشتكِ يومًا رغم قسوة الأيام، لم تتعب من حمل همّه حتى عندما خانتها صحتها، كانت تبتسم وتقول:
“كل شيء يهون… المهم أن أراك سعيدًا يا بني.”
لكن حسن لم يكن يرى في تلك التضحيات سوى ضعفًا، لم يكن فخورًا بأمه، بل كان يخجل من يدَيها المتشققتين وملابسها البسيطة، خاصة أمام زملائه في الجامعة. كان يحلم بحياة مترفة، بعيدًا عن الحي الذي نشأ فيه، بعيدًا عن أمه التي تراه الدنيا وما فيها.
الخطيئة الأولى… قلبٌ كُسِر ولن يُشفى
في يومٍ ممطر، وقفت خديجة أمام بوابة الشركة الفخمة حيث يعمل ابنها، تحمل له طعامه المفضل كما اعتادت، لكن الحارس أوقفها عند الباب. “من فضلك، أخبِر ابني أنني هنا”، قالت بصوت مرتجف.
بعد دقائق، خرج حسن، نظر إليها وكأنها غريبة عنه، وقال بصوتٍ بارد:
“أماه، لا تأتي إلى هنا مجددًا… لا أريد أن يعلم أحد أن والدتي كانت تعمل خادمة!”
شعرت خديجة بطعنةٍ في قلبها، حدقت فيه طويلًا، لم تجد طفلها الذي كانت تهدهده كل ليلة… بل رأت رجلاً جحودًا ألقى بها خارج قلبه قبل أن يلقي بها خارج حياته.
لم تقل شيئًا… فقط أومأت برأسها، واستدارت راحلة، لكن خطواتها كانت ثقيلة وكأن كل سنوات عمرها سقطت فوق كاهلها في لحظة واحدة.
رحلت خديجة بعدها بأيام… وحيدة كما عاشت، دون أن يلتفت ابنها إلى غيابها.
الطمع حين يقتل القلب
مرت السنوات، جمع حسن ثروة كبيرة، وتزوج من ليلى، امرأة جميلة وطموحة، عاشت معه حياة الترف التي حلم بها دائمًا. أنجبا ولدًا أسماه آدم، وقرر أن يمنحه كل ما لم يكن يملكه في صغره، لكنه لم يدرك أن ما يُعطى بلا حب، لا يُثمر إلا جفاءً.
كان آدم طفلًا مدللًا، اعتاد أن يحصل على كل شيء دون مجهود، فلم يعرف قيمة العطاء، ولم يشعر بحنان والده لأنه لم يره يومًا يقدم الحنان لأحد.
أما ليلى، فكانت ترى في حسن مصدرًا للمال، ولم تكن تهتم سوى بنفسها.
العقاب الأول… الوحدة حين تصبح قاتلًا
مرت السنوات، وكبر حسن، بدأ الشيب يغزو رأسه، وبدأت التجاعيد تحفر وجهه، بينما كانت ليلى لا تزال جميلة، مشرقة، تعيش شبابها.
وفي ليلةٍ باردة، جلس حسن ينتظر زوجته، لكنها تأخرت. وعندما عادت، كانت تحمل في يدها أوراق الطلاق.
“ماذا؟! لماذا؟!” قال مذهولًا.
اقتربت منه بخطواتٍ واثقة، وقالت بلا مبالاة:
“أنا ما زلت صغيرة، أحتاج إلى رجل، وليس عجوزًا… جمعت من ورائك ما يكفيني، وسأتزوج من يمنحني الحياة التي أريدها!”
ثم أطلقت ضحكة ساخرة، وأضافت: “هل تعتقد أنني سأبقى بجانبك وأنت تسير نحو الموت؟!”
وقفت أمامه ببرود، وهو ينظر إليها بعينين ذاهلتين… شعر بألمٍ لم يعرفه من قبل، وكأنه يرى روحه تُسحب من داخله وهو لا يستطيع فعل شيء.
ثم رحلت، دون أن تلتفت وراءها، تمامًا كما فعل بأمه يومًا ما.
العقاب الثاني… حين يتكرر المشهد
مرت الأيام، وأصبح حسن وحيدًا في منزله الكبير، بلا زوجة، بلا رفيق، وبلا ابن يهتم لأمره.
وفي ليلةٍ أخرى، شعر قلبه يثقل، عرف أن أجله قد اقترب، نادى ابنه آدم بصوتٍ ضعيف:
“يا بني، اجلس معي، أريد أن أشعر بك، أريد أن أشعر أنني لم أضيّع حياتي هباءً…”
لكن آدم، الذي نشأ مدللًا بلا قلب، نظر إليه كما كان حسن ينظر إلى أمه يومًا، وقال ببرود:
“ليس لدي وقت للعجائز… ألا ترى أنني مشغول؟!”
تجمد حسن في مكانه… رأى نفسه في ابنه، سمع صدى كلماته التي قالها لأمه تعود إليه الآن، لكنها هذه المرة كانت تمزقه.
النهاية الحتمية… الدمعة الأخيرة
في الصباح، وُجد حسن جالسًا على كرسيه، رأسه متدلٍ إلى الخلف، عيناه مغمضتان، وعلى خده دمعة وحيدة… لم يجد من يمسحها.
رحل وهو ينتظر… لكنه، كما فعل بأمه، لم يجد من يواسيه.
وهكذا، عادت الحياة لتقتص… فالعقاب دومًا من جنس العمل.
- كاف يفاجئ الأهلي بقرار عاجل بعد الانسحاب من مواجهة الزمالك
- الزمالك يخطف صفقة الأهلي وموعد الإعلان رسميا
- بعد الإنسحاب من الدوري.. خطوة واحدة تفصل الأهلي عن الإنسحاب من بطولة أخرى
- بعد أزمة القمة.. إنتهاء مسيرة نجم الأهلي مع الفريق بنهاية الموسم الجاري
- فرمان ناري من كولر.. رحيل صفقة الـ100 مليون عن الأهلي قبل كأس العالم للأندية 2025